" الشعر الحلمنتيشى "
هى التسمية التى أطلقها الشاعر
الساخر ( حسين شفيق المصرى )
على ما كان يكتبه من شعر هزلى وفكاهى فى العشرينات من القرن العشرين ..
حسين شفيق المصرى
والمقصود بهذا النوع من الشعر هو الشعر الذى تختلط فيه الكلمات الفصيحة بالكلمات العامية ، أى أنه يجمع بين الفصحى والعامية فى قالب واحد ...
والمتتبع لجذور هذا اللون الأدبى يجدها قد نبتت فى العصرين المملوكى والعثمانى وهو ما نجده فى هزليات الشعراء فى هذين العصرين كقول بعضهم :
والله والله العظيـــم القـادر هو عالم بسرائرى ونوازعى
إن عاود القلب المتيم ذكركم لأقطعو من مهجتى بصوابعى
ونعود إلى ( حسين شفيق المصرى ) الذى كان شاعراً وزجالاً من أبرع الشعراء والزجالين ولولا أنه كان متواضعاً وقليل الحيلة لكان له شأن كبير فى عصر أحمد شوقى وطبقته من الشعراء المشهورين .
وقد ابتكر هذا الشاعر العبقرى هذا اللون الجديد من الشعر حين لم تسعفه أشعاره الجادة فى طلب الرزق ، وأساسه أن يأتى فى بداية القصيدة بمطلع قصيدة قديمة من أجود الشعر وأشهره ثم ينسج على منوالها شعراً فكاهياً .
ومن ذلك أنه عارض ( المعلقات السبع ) التى نظمها أشهر شعراء العصر الجاهلى والطريف أنه سمى معارضاته هذه باسم ( المشعلقات ) فوضع كلمة " المشعلقات " العامية مقابل كلمة " المعلقات " الفصيحة .
وقد بدأ مشعلقاته بمعارضة معلقة " طرفة بن العبد " التى يقول فى مطلعها :
لخولة أطلالٌ ببرقة ثهمد ِ تلوح كباقى الوشم فى ظاهر اليدِ
فقال حسين شفيق :
لزينبَ دكانٌ بحارة منجدِ تلوح بها أقفاصُ عيشٍ مقدّدِ
وإذا كان الغرض الأساسى من هذا النوع من الشعر هو مجرد الإضحاك والتسرية عن النفس كقول " حسين شفيق "
الحب أخرج مُقلتى بصباعِهِ وأذاب قلبى باللهيبِ بِتاعِهِ
سار الوبورُ إلى بلاد أحبتى يا ليتنى متشعبطٌ بذراعِهِ
ولكن هذا جانب صغير من شعره الحلمنتيشى ، أما الجانب الأكبر فكان هدفه النقد اللاذع للأوضاع السياسية والاجتماعية والأخلاقية كقوله :
ليس الحياءُ من الوقاح فضيلة ً بل يستحى الإنسانُ ممن يستحى
وأخجل من الأشراف لكن أين هم لم يبقَ من شرفٍ ولا شرفنطحِ
تابعونا فى الجزء الثانى بإذن الله